الحقيقــة أننـا علــى مشــارف الحــرب الأهليــة.
د.نسيب حطيط
الحقيقة كلمة سحرية تتناقلها الشفاه وترصد لها الأموال وتنعقد لها المحاكم وتحشد لها المظاهرات ويعتقل في سبيلها الأفراد ويجند لطمسها شهود الزور.
كلنا يبحث عن(الحقيقة)المحتجزة بقرار دولي ليضيف إلى الضحية الشهيد رفيق الحريري عشرات الضحايا والشهداء، وصولا للتضحية بالوطن الذي أنهكته الحروب الأهلية الداخلية والاجتياحات الإسرائيلية التي دنست بيروت التي يطالبون بأن تكون منزوعة السلاح؟!.
ولكن في قراءة هادئة منذ اغتيال الرئيس الحريري، نرى أننا أمام حقيقة واحدة، لا زالت تطعن الجسد اللبناني بالفتن والجراحات والتفرقة والعصبية المذهبية والطائفية، فكل ما حصدناه ونحن نفتش عن(الحقيقة)برعاية دولية أننا دفعنا الأثمان الباهظة والظاهر أننا سندفع أكثر، إذا بقينا ننفذ التعليمات الخارجية بدل أن نتعاون ونبحث عن الحقيقة والعدالة وفق أنظمتنا وقدراتنا اللبنانية(والحقيقة)الدولية أنتجت ما يلي:
- تعطيل المؤسسات من رئاسة الجمهورية إلى المجلس النيابي والحكومة أكثر من سنتين.
- تقسيم الشارع اللبناني إلى ثقافتين، واحدة تفتخر بالتعاون مع العدو الإسرائيلي وواحدة تقاومه.
- عدوان إسرائيلي في عام2006 كاد أن يقلب الموازين ويرسم خارطة(الشرق الأوسط الجديد)بالدماء اللبنانية الوطنية.
- عداء لسوريا و ممارسة عنصرية لعمالها بفعل اتهام سياسي تم التراجع عنه الآن إعلاميا بعد فشله ميدانيا وقضائيا.
- إختراق إسرائيلي للبنى اللبنانية السياسية والمؤسسات بالعملاء متعددي الطوائف حتى صارت العمالة وجهة نظر سياسية وليست فعل خيانة.
- تعبئة الشارع مذهبيا وطائفيا بشكل غير مسبوق ولأول مرة في لبنان، بدأت مفردات(السنة والشيعة)والفتنة السنية-الشيعية يتناقلها الإعلام والنواب والحزبيون ولا ينقصنا للمنازلة المذهبية إلا مجموعات (الصحوة).
- استباحة المؤسسات الأمنية والاتصالات أمام الأميركيين حتى صارت السفيرة الأميركية(ترعى) أكثر من بعض الوزراء الدورات العسكرية، وتشكر لأنها أصلحت ثماني دراجات نارية لقوى الأمن!!.
المشكلة أننا على أبواب فتنة مذهبية-طائفية-سياسية متعددة القواعد والأهداف يسير البعض باتجاهها ويستدرج البعض الأخر إلى ساحتها، بكامل عدته والكل يرفع شعار(الحقيقة)(الحقيقة الحقيقية)و(الحقيقة المزورة)ويدفعنا ظلم الخارج وعدم عدالته إلى أن نظلم بعضنا، وكأننا لم نتعظ من الحرب الأهلية التي أشعلها من تفاخر بتعاونه مع إسرائيل عام 1975، وكانت نتائجها أكثر من مئة ألف قتيل ومئات الآلآف من الجرحى والمفقودين والمشوهين والأيتام وتغيير ديموغرافي خطير وإنهيار للإقتصاد ومجازر إسرائيلية بحق اللبنانيين والفلسطينيين واحتلال وتدمير للاقتصاد والمؤسسات وديون قاربت الستين مليار دولار وغيرها من النتائج الكارثية على لبنان...ولكن البعض لا يتعظ ويعلن أنه سيتعامل مع الشيطان بحجة الدفاع عن النفس ليقتل نفسه ومواطنيه.
(الحقيقة)أننا على مشارف الفتنة الداخلية المطلوبة أميركيا وإسرائيليا لكسر شوكة المقاومة بعد العجز الخارجي عن هزيمتها، و أتهامها ومحاصرتها داخليا للإطباق عليها بحرب جديدة.
(الحقيقة)أننا على مشارف(التوطين)سواء بقوانين (إنسانية)أو عبر قرارات دولية مباشرة لأن(يهودية)دولة إسرائيل لا تتحقق إلا بمنع اللاجئين من(العودة).
(الحقيقة)أن الوجود المسيحي في الشرق عامة وفي لبنان خاصة مهدد بالزوال بعد ما تعرض له بعد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وبعد الاحتلال الأميركي للعراق وذوبان الوجود المسيحي فيه، ويبقى لبنان الوتد المسيحي الأخير ،والظاهر أن أميركا لم تنجح في الحرب الأهلية من نقل المسيحيين في(بواخر كسينجر)فإنها ستعيد الكرة مرة أخرى.
(الحقيقة)أننا وقود لمشاريع أميركية-إسرائيلية بعضنا يتطوع ليكون الأداة وبعضنا يقاوم لكننا سنقتل بعضنا ليتقدم الأميركي(مخلصا)كما في العراق وأفغانستان لكن النتيجة النهائية كما في العراق وأفغانستان تدمير وقتل ونهب واتجاه للتقسيم.
فهل نفتش جميعا عن(الحقيقة)التي تحفظ لبنان وشعبه وتحقق العدالة بعيدا عن شهود الزور والمحاكم الدولية التي لم تنعقد بعد مجازر صبرا وشاتيلا ومجازر قانا والخيام غزة ...أم ننتحر بالفتنة القادمة...؟!.